الأسرار الباطنية للفاتحة (1)
مرسل: الاثنين مارس 07, 2016 12:28 am
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأهلك أعدائهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأسرار الباطنية للفاتحة (1)
سورة الحمد وما أدراكَ ما سورة الحمد!.. لو قلنا: أن سورة الحمد قريبةٌ إلى الاسم الأعظم، لما بالغنا في القول؛ لأنها أعظمُ سورة في القرآن الكريم!.. يقول تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}، فالقرآن في كفة، والسبع المثاني في كفة.. سبعُ آيات تقرأ في الصلاةِ مرتين؛ أي أربع عشرة آية في كل فريضة، على عدد المعصومين عليهم السلام.. ومن لم يستوعب سورة الحمد؛ خسر الكثير في هذهِ الحياة.
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}..إن آية البسملة من أعظم الآيات في القرآن الكريم، ما معنى الباء هنا؟.. معناها: أبتدئ بسم الله، وأستعين بالله الرحمن الرحيم
-فمن فوائد التسمية الوقاية من الذنوب، لأن الإنسان عندما يسمي، ويزاول عملا؛ فإنه من الطبيعي أن يلحظ رضا الله -عز وجل- في ذلك العمل.. فالذي يقوم بعمل ما ويقول: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } بالتفات وتوجه، لا بد أن يراعي رضا الله -عز وجل- في ذلك العمل؛ فلا يعصي الله.. فعندما يذهب الإنسان إلى أي مكان،أو يقوم بأي عمل ويقول: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } لا تلفظا، بل حقيقة؛ فإنه يستحي أن يقوم بما يخالف رضا الله عز وجل.
ومن الملفت في قراءة السورة هو تكرار صفة الرحمة ، مرة في البسملة ومرة في الحمد ، والحمد تقرأ مرتين في الصلاة ، أي أن الإنسان أربع مرات وهو يكرر (الرحمن الرحيم ) ، فلماذا هذا التكرار؟..ولماذا انتخاب هذه الصفة بالذات؟..فمن المعلوم أن أسماء الله الحسنى تقارب المئة ، لماذا لم يذكر المنتقم الجبار مثلاً؟..
إن في هذا درسا عمليا : وهو أن يكون الإنسان مظهراً لأسماء الله الحسنى ، ولا شك أن الوصول إلى هذه الأسماء لا يكون بمجرد التكرار اللفظي ، وإن كان أثر العبادات اللفظية أثر لا ينكر ، ولكن هذا القالب إذا لم يكن له معنى فلا قيمة له يعتد به ، ومثله كعملة نقدية مزيفة لا يعترف بها لعدم وجود رصيد وراءه!.
وكم من الجميل أن تتجلى هذه الصفة في الإنسان ويكون مظهراً للرحمة الإلهية على العباد!..ولو أنه بعد ذلك دعا الله عزوجل مرة واحدة ، وقال: يا رحمن يا رحيم !. إنك تعلم بأني رحيم بأهلي وشفيق على من حولي ، يا رب برحمتك الواسعة ارحمني!.. فإن ذلك يكفيه ، ولا يحتاج إلى أن يكرر لفظ الرحمة ألف مرة وهو يطوف حول الكعبة!.. وهكذا الأمر في باقي الصفات ، أي أن الوصول إلى ملكوت أسماء الله الحسنى لا يتم إلا بالتطبيق العملي ، والتخلق بأخلاق الله عزوجل ، حتى لو دعا بهذا الاسم وهو في نفسه يحمل شيئاً من معناه ، كان له التأثير الحقيقي والسريع.. ولنا بأئمتنا (ع) خير أسوة
فإظهار الرحمة والشفقة على الناس عموماً ، وخصوصاً الأقرباء والزوج والزوجة ، وتحمل الأذى لوجه الله عزوجل من موجبات نيل المقامات والدرجات العليا.
- (الرَّحْمَنِ)إشارة إلى رحمته الغامرة للمؤمن والفاجر
- (الرَّحِيمِ)هذه الرحمة الخاصة، نصل إليها من خلال الصبر على المحن والبلاء،والصبر على ما لا يرضي الإنسان.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.. الحمد آخر ما يقولهُ الإنسان بالجنة، {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.. أحدنا يخجل من نفسه، الرعدُ والبرقُ في السماء يسبح لله {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ}، وكل ما في السموات والأرض تسبح ربها بنص القرآن الكريم: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}؛والإنسان في الأرض ينظر إلى التلفاز المُحرم، على الأقل حياءً من السُحب، يقف قليلا ويقول: أسبح بحمدك. فمن ساعات الإستجابة ساعة المطر، إذا سمعَ الإنسان صوت الرعدِ والبرق والمطر، عليه أن يجلس في مصلاه، ويعبد الله -عز وجل- ولو للحظات؛ فإنها ساعةٌ من ساعات الإستجابة.
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، هو مالك الوجود، ومالك العوالم.. ولكن لماذاخص يوم الدين، أي يوم الجزاء، يوم تنصب الموازين القسط ليوم القيامة في سورة الحمد؟.. لأنه يراد بنا أن ننتقل إلى عالمٍ آخر، فالقرآن الكريم يريد منا أن نكون كما قال عليٌ (عليه السلام):
(هم والجنة كمن قد رآها، فهم فيها منعمون.. وهم والنار كمن قد رآها، فهم فيها معذبون، كأن زفير جهنم في أصول آذانهم)..
هذه الآية تربط الإنسان بعرصات القيامة.. فالذي يعيش في هذهِ الدنيا، وعينهُ على الآخرة؛ هذا الإنسان يستقيم في مشيته..
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأهلك أعدائهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأسرار الباطنية للفاتحة (1)
سورة الحمد وما أدراكَ ما سورة الحمد!.. لو قلنا: أن سورة الحمد قريبةٌ إلى الاسم الأعظم، لما بالغنا في القول؛ لأنها أعظمُ سورة في القرآن الكريم!.. يقول تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}، فالقرآن في كفة، والسبع المثاني في كفة.. سبعُ آيات تقرأ في الصلاةِ مرتين؛ أي أربع عشرة آية في كل فريضة، على عدد المعصومين عليهم السلام.. ومن لم يستوعب سورة الحمد؛ خسر الكثير في هذهِ الحياة.
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}..إن آية البسملة من أعظم الآيات في القرآن الكريم، ما معنى الباء هنا؟.. معناها: أبتدئ بسم الله، وأستعين بالله الرحمن الرحيم
-فمن فوائد التسمية الوقاية من الذنوب، لأن الإنسان عندما يسمي، ويزاول عملا؛ فإنه من الطبيعي أن يلحظ رضا الله -عز وجل- في ذلك العمل.. فالذي يقوم بعمل ما ويقول: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } بالتفات وتوجه، لا بد أن يراعي رضا الله -عز وجل- في ذلك العمل؛ فلا يعصي الله.. فعندما يذهب الإنسان إلى أي مكان،أو يقوم بأي عمل ويقول: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } لا تلفظا، بل حقيقة؛ فإنه يستحي أن يقوم بما يخالف رضا الله عز وجل.
ومن الملفت في قراءة السورة هو تكرار صفة الرحمة ، مرة في البسملة ومرة في الحمد ، والحمد تقرأ مرتين في الصلاة ، أي أن الإنسان أربع مرات وهو يكرر (الرحمن الرحيم ) ، فلماذا هذا التكرار؟..ولماذا انتخاب هذه الصفة بالذات؟..فمن المعلوم أن أسماء الله الحسنى تقارب المئة ، لماذا لم يذكر المنتقم الجبار مثلاً؟..
إن في هذا درسا عمليا : وهو أن يكون الإنسان مظهراً لأسماء الله الحسنى ، ولا شك أن الوصول إلى هذه الأسماء لا يكون بمجرد التكرار اللفظي ، وإن كان أثر العبادات اللفظية أثر لا ينكر ، ولكن هذا القالب إذا لم يكن له معنى فلا قيمة له يعتد به ، ومثله كعملة نقدية مزيفة لا يعترف بها لعدم وجود رصيد وراءه!.
وكم من الجميل أن تتجلى هذه الصفة في الإنسان ويكون مظهراً للرحمة الإلهية على العباد!..ولو أنه بعد ذلك دعا الله عزوجل مرة واحدة ، وقال: يا رحمن يا رحيم !. إنك تعلم بأني رحيم بأهلي وشفيق على من حولي ، يا رب برحمتك الواسعة ارحمني!.. فإن ذلك يكفيه ، ولا يحتاج إلى أن يكرر لفظ الرحمة ألف مرة وهو يطوف حول الكعبة!.. وهكذا الأمر في باقي الصفات ، أي أن الوصول إلى ملكوت أسماء الله الحسنى لا يتم إلا بالتطبيق العملي ، والتخلق بأخلاق الله عزوجل ، حتى لو دعا بهذا الاسم وهو في نفسه يحمل شيئاً من معناه ، كان له التأثير الحقيقي والسريع.. ولنا بأئمتنا (ع) خير أسوة
فإظهار الرحمة والشفقة على الناس عموماً ، وخصوصاً الأقرباء والزوج والزوجة ، وتحمل الأذى لوجه الله عزوجل من موجبات نيل المقامات والدرجات العليا.
- (الرَّحْمَنِ)إشارة إلى رحمته الغامرة للمؤمن والفاجر
- (الرَّحِيمِ)هذه الرحمة الخاصة، نصل إليها من خلال الصبر على المحن والبلاء،والصبر على ما لا يرضي الإنسان.
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.. الحمد آخر ما يقولهُ الإنسان بالجنة، {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.. أحدنا يخجل من نفسه، الرعدُ والبرقُ في السماء يسبح لله {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ}، وكل ما في السموات والأرض تسبح ربها بنص القرآن الكريم: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}؛والإنسان في الأرض ينظر إلى التلفاز المُحرم، على الأقل حياءً من السُحب، يقف قليلا ويقول: أسبح بحمدك. فمن ساعات الإستجابة ساعة المطر، إذا سمعَ الإنسان صوت الرعدِ والبرق والمطر، عليه أن يجلس في مصلاه، ويعبد الله -عز وجل- ولو للحظات؛ فإنها ساعةٌ من ساعات الإستجابة.
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، هو مالك الوجود، ومالك العوالم.. ولكن لماذاخص يوم الدين، أي يوم الجزاء، يوم تنصب الموازين القسط ليوم القيامة في سورة الحمد؟.. لأنه يراد بنا أن ننتقل إلى عالمٍ آخر، فالقرآن الكريم يريد منا أن نكون كما قال عليٌ (عليه السلام):
(هم والجنة كمن قد رآها، فهم فيها منعمون.. وهم والنار كمن قد رآها، فهم فيها معذبون، كأن زفير جهنم في أصول آذانهم)..
هذه الآية تربط الإنسان بعرصات القيامة.. فالذي يعيش في هذهِ الدنيا، وعينهُ على الآخرة؛ هذا الإنسان يستقيم في مشيته..