صفحة 1 من 2

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ( سورة البقرة ) الجزء -17-

مرسل: الأربعاء يونيو 02, 2010 7:17 am
بواسطة مسكِ النبي الهَادي

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وصلنا الى هنا

((وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ))، فإن أعمالكم ترتبط بكم لا بهم، ((وَلاَ تُسْأَلُونَ)) أنتم ((عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) فأصلحوا أعمالكم.

لنكمل معاً


((وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى))، أي قالت اليهود كونوا يهوداً، وقالت النصارى كونوا نصارى ((تَهْتَدُواْ)) للحق وترشدوا، ((قُلْ)) يا رسول الله ((بَلْ)) نتبع ((مِلَّةَ))، أي دين ((إِبْرَاهِيمَ)) الصافي عن شوائب اليهودية والنصرانية، وإنما هي الإسلام المصفى وإن كان فرقٌ بين الإسلام وبين دين إبراهيم في بعض الخصوصيات التشريعية، فالمراد نفي النصرانية واليهودية، ((حَنِيفًا))، أي مستقيماً عن الاعوجاج، ((وَمَا كَانَ)) إبراهيم ((مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) كما أنتم أيها اليهود والنصارى مشركون، إذ تقولون (عزير ابن الله) أو (المسيح ابن الله)، وعلى هذا، فالمراد بالتباع ملة إبراهيم (عليه السلام) اتباعها في التوحيد.


((قُولُواْ)) أيها المسلمون ما يجب عليكم، أي تعتقدوا بها، وما هي خلاصة الأديان السابقة واللاحقة، الذي يعين زيف العقائد النصرانية واليهودية وغيرهما، ((آمَنَّا بِاللّهِ وَ)) آمنا بـ((مَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا)) من القرآن الحكيم ((وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ)): أحفاد يعقوب فإن كثيراً منهم كانوا أنبياء نزلت عليهم الصحف، ((وَ)) آمنا بـ((مَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَ)) آمنا بـ((مَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ)) قاطبة ((مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ))، أي من الأنبياء ، فإنا نعترف بالجميع ((وَنَحْنُ لَهُ))، أي لله سبحانه ((مُسْلِمُونَ)) فإن دين الأنبياء كلهم يتلخص في أصول وفروع وأخلاق، فالأصول: التوحيد، والعدل، والنبوة، والإمامة، والمعاد، فإن كل نبي كان يصدق من سبقه ويبشر بمن يلحقه كما أن الإمامة بمعنى الوصاية، فإن كل نبي كان له أوصياء، والفروع هي: الصلاة والصوم والزكاة وما أشبه من العبادات وأحكام المعاملات بالمعنى الأعم، وكل الأديان كانت مشتركة فيها مع تفاوت يسير حسب اقتضاء الزمان والأمة، فمثلاً كان صوم الصمت في بعض الأمم وليس في الإسلام وهكذا، والأخلاق هي: الصدق والأمانة والوفاء والحياء وما أشبه، وكلها فطريات نفسية كانت الأنبياء تأمر بها وينهى <وتنهى> عن أضدادها.


((فَإِنْ آمَنُواْ))، أي آمن غير المسلمين من سائر الأديان والفرق ((بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ))، أي كما تؤمنون أنتم أيها المسلمون ((فَقَدِ اهْتَدَواْ)) إلى الحق، ((وَّإِن تَوَلَّوْاْ)) عن مثل هذا الإيمان، ولزموا طريقتهم المنحرفة ((فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ))، أي في خلاف، فهم في شق وأنتم في شق، ((فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ)) فإن الله يكفيك يا رسول الله وينصرك عليهم ((وَهُوَ السَّمِيعُ)) كلامهم ((الْعَلِيمُ)) بأعمالكم ونواياكم.



اتبعوا ((صِبْغَةَ اللّهِ))، واصبغوا أنفسكم بها، وهي الإسلام، فإن كل طريقة يتبعها الإنسان لون له، لكنه لو غير محسوس تشبيهاً بالألوان المحسوسة، ((وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً))، وهذا استفهام إنكاري، أي لا أحد أحسن من الله صبغة وديناً، ((وَنَحْنُ)) المسلمون ((لَهُ عَابِدونَ)) لا لغيره من الشركاء الذين أنتم تعبدونها مع الله أو من دون الله، وربما يقال أن وجه التسمية بـ"الصبغة" أن النصارى كانوا يصبغون أولادهم بماء أصفر يعمدونهم فيه، والآية من المشابهة، كقوله سبحانه (تعلم ما في نفسي، ولا أعلم ما في نفسك)


((قُلْ)) يا رسول الله لهؤلاء اليهود والنصارى وغيرهم: ((أَتُحَآجُّونَنَا))، أي تباحثون معنا ((فِي)) دين ((اللّهِ)) وأنه لم ننسخ أديانكم ولم اختار من العرب رسولاً ولم أفعل كذا؟ ((وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ))، أي أن الله ليس رباً لكم فقط حتى يكون معكم إلى الأبد، ((وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ))، فليس علمنا <عملنا> غير منظور إليه عند الله، وعملكم منظور إليه، كما كانوا يزعمون قائلين نحن شعب الله المختار، ونحن أبناء الله وأوداؤه، ((وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ))، إذ لا نشرك به أحداً بخلافكم الذي جعلتم له شريكاً.



((أَمْ)) تباحثون معنا في أمر الأنبياء و((تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ)) أحفاد يعقوب - كانوا أنبياء - ((كَانُواْ هُودًا)) أي يهوداً ((أَوْ نَصَارَى))، وهذا اشتباه منهم، إذ اليهودية والنصرانية تولدتا بعد إبراهيم (عليه السلام)، فكيف يكون إبراهيم أحدهما، كما قال سبحانه: (ما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده)، ((قُلْ)) يا رسول الله لهؤلاء المدعين بيهودية الأنبياء أو نصرانيتهم ((أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ))، فالله سبحانه يقول لم يكونوا يهوداً ولا نصارى، وأنتم تقولون كانوا، ((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ))، أي لا أحد أظلم ممن يكتم الشهادة التي عنده من قبل الله سبحانه، فإن اليهود كانوا يكتمون ما أنزل الله إليهم من البينات والهدى حول الأنبياء السابقين وحول نبي الإسلام، ((وَمَا اللّهُ))، أي ليس الله ((بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ))، فإنه يعلم أعمالكم التي منها كتمانكم للشهادة، ثم يجازيكم عليها.



((تِلْكَ)) الأنبياء، وما كانوا يعملون ويتدينون لا يرتبطون بكم أيها المعاصرون للرسول، فإنها ((أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ)) ومضت، ((لَهَا مَا كَسَبَتْ)) من الأعمال والأفعال، ((وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ)) من الخير والشر، ((وَلاَ تُسْأَلُونَ)) أنتم ((عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)) فلم هذه المباحثة والمحاجة والمجادلة؟


((سَيَقُولُ السُّفَهَاء)) جمع سفيه وهو الغبر والجاهل وناقص العقل ((مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ))، أي أيّ شيء صرف المسلمين ((عَن قِبْلَتِهِمُ)) السابقة ((الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا)) يتوجهون في صلاتهم، وهي بيت المقدس، فإن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، والمسلمون كانوا يصلون إلى بيت المقدس، وهو قبلة اليهود، ثم في المدينة حولت القبلة إلى الكعبة، وكان السبب الظاهر لذلك أن اليهود عابوا النبي بأنه يصلي إلى قبلتهم، فحوله الله عنها إلى الكعبة، فأخذ اليهود يهرجون حول تحويل القبلة. ((قُل)) يا رسول الله ((لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ))، فمتى شاء الله وجّه عبيده إلى حيث يشاء، وليست القبلة احتكاراً حتى لا يمكن تحويلها، ((يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ))، وكما كان الصراط المستقيم قبلا بيت المقدس حال التوجه كذلك صار الصراط المستقيم فِعلاً الكعبة.


نكمل معكم ان شاء الله
قريباً

تحياتي
مسك النبي الهادي


Re: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ( سورة البقرة ) الجزء -17-

مرسل: الأربعاء يونيو 02, 2010 9:21 am
بواسطة يالثارات الزهراء
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اختي مسك النبي الهادي
جزاك الله خير
موفقة ان شاء الله تعالى

Re: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ( سورة البقرة ) الجزء -17-

مرسل: الأربعاء يونيو 02, 2010 12:49 pm
بواسطة شموس الزهراء
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ياكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الله يعطيك العاافيه

Re: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ( سورة البقرة ) الجزء -17-

مرسل: الأربعاء يونيو 02, 2010 2:18 pm
بواسطة ناصرة الزهراء
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد

يعطيكم العافية أختي مسك النبي الهادي على طرح التفسير المبارك
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

Re: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ( سورة البقرة ) الجزء -17-

مرسل: الأربعاء يونيو 02, 2010 4:12 pm
بواسطة عشقِي الأبدي هو الله
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

مشكورة اختي الكريمة على الطرح

الله يعطيكِ العااافية

Re: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ( سورة البقرة ) الجزء -17-

مرسل: الأربعاء يونيو 02, 2010 6:59 pm
بواسطة خادم أمير المؤمنين علي (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك
شكرا جزيلا على الموضوع
طرح مبارك بإذن الله

Re: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ( سورة البقرة ) الجزء -17-

مرسل: الأربعاء يونيو 02, 2010 9:24 pm
بواسطة احزان الزهراء
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين



بارك الله بكم اختي الكريمة على الطرح القيم
في ميزان اعمالكم ان شاء الله
جزاكم الله خير الجزاء
تحياتي

Re: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ( سورة البقرة ) الجزء -17-

مرسل: الخميس يونيو 03, 2010 3:53 am
بواسطة مسكِ النبي الهَادي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله ينور تلك القلوب الطاهره بكل حرف أنزله في القران العظيم
موفقين لكل خير
تحياتي
مسك النبي الهادي

Re: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ( سورة البقرة ) الجزء -17-

مرسل: الخميس يونيو 03, 2010 4:57 am
بواسطة هدية فاطمة (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
أحسنتِ بارك الله فيكِ في ميزان أعمالكم ان شاء الله

Re: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ( سورة البقرة ) الجزء -17-

مرسل: الخميس يونيو 03, 2010 9:05 am
بواسطة جنة المتقين
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم يا كريم
أختي الكريمة مسك النبي الهادي
جزاكِ الله خيراً على طرح التفسير المبارك
جعله الله في ميزان حسناتك

Re: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ( سورة البقرة ) الجزء -17-

مرسل: الخميس يونيو 03, 2010 9:17 am
بواسطة مسكِ النبي الهَادي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله ينور تلك القلوب الطاهره بكل حرف أنزله في القران العظيم
موفقين لكل خير
تحياتي
مسك النبي الهادي

Re: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ( سورة البقرة ) الجزء -17-

مرسل: الأحد يونيو 06, 2010 10:21 pm
بواسطة خادمة خدام الحسين(ع)
اللهم صل على محمد وآل محمد و عجل فرجهم و اهلك اعداءهم يا كريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أختي الكريمة / مسك النبي الهادي
جزاكِ الله خير الجزاء
في ميزان حسناتكِ إن شاء الله تعالى

دمتِ برعاية الله تعالى

Re: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ( سورة البقرة ) الجزء -17-

مرسل: الأحد يونيو 06, 2010 11:44 pm
بواسطة نسيم الحوراء
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكراً لك .. طرح أكثر من رائع
بارك الله بكم وجزيتم خيرا
حفظكم الله تعالى من شر الجن والانس مع شيعة محمد وال محمد

Re: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ( سورة البقرة ) الجزء -17-

مرسل: الثلاثاء يوليو 20, 2010 6:57 am
بواسطة مسكِ النبي الهَادي
شاكره لكم مروركم جميعاً

Re: تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان ( سورة البقرة ) الجزء -17-

مرسل: الثلاثاء يوليو 27, 2010 12:37 pm
بواسطة شجـون الزهـراء
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين و عجل فرج وليهم يا كريم ,,
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
شكرا جزيلا لك أختي الكريمة على هذا الطرح ,
موفقة لكل خير .
اللهـم صـل علـى محمـد وآل محمـد
الدال على الخير كفاعله .. شاركونا في الأجر و الثواب من خلال ترشيح المنتدى المبارك